Sunday, October 19, 2014

الروح.. ما هي؟

لطالما تساءل الإنسان عما يتبع الموت.. وعن إمكانية الخلود بعده.. هل الروح موجودة بالفعل؟ وإن كان لها وجود، ما هي وكيف يمكننا تعريفها؟ هناك من يؤكد وجودها لأسباب دينية أو ثقافـية أو حتى تاريخية، وهناك من ينفي ذلك بالقطع.. أسئلة دينية، فلسفية، علمية لا يزال الجدل بشأنهـا قائماً حتى اليوم.. لكن حتى من يرفض فكرة الروح وفق المفهوم الذي تشير إليه أديان كثيرة، لا يستبعد أن المقصود بها شيء آخر.. مختلف عما يعنيه الناس وما اعتادوا الحديث عنه.

في القاموس المحيط، كلمة الرُّوحُ تعني "ما به حَياةُ الأَنْفُس".. وفي قاموس ميريام وبستر، تعرف كلمة روح Soul على أنها "القسـم اللامادي من الإنسان والذي يجعل الجسد يتمتع بالحياة، وفي بعض الأديان يُعتقد أنها تعيش إلى الأبد".. وهناك من يعتبرها جزءاً منفصلاً عن الجسم، يفارقه عند الموت المادي.. لكن ما هو أصل هذا المصطلح؟ ومن أين جاء هذا المفهوم؟ الأصل جاء من ثلاثة جذور؛ الشامانية، الإيمان بعالم الأحلام، وأخيراً الإيمان بالحياة بعد الموت.. في رسوم الكهوف التي تعود لنحو 20 ألف عام، قام الشامانات (أو السحرة والكهنة الدينيون) بتمثيل رحلاتهم في عالم الأرواح.. عندما كانوا في حالة الغشية (أو Trance) كانوا يعتقدون أنهم يغادرون أجسادهم على هيئة روح، وكانوا يرسمون هذه الروح على صورة طير.. ومن هذه المعتقدات، نشأ المذهب الفكري – الديني المسمى الإحيائية؛ والتي هي الإيمان بأن أي كائن (سواء حي أو غير حي) يمتلك روحاً؛ وهذا يشمل الصخور والنباتات أيضاً.. أما فيما يتعـلق بعالم الأحلام، فإن العلماء يؤكدون أن الإنسان، ومنذ بدء التاريخ، كان يعتقد بأن ما يحدث في الحلم هو أن الروح تفارق الجسد وتتوجه إلى بُعد وجودي آخر، وأنها تحيا بذلك خبرات ومغامرات من نوع خاص وذات مغزى عميق.. وبالطبع هناك الإيمان بالحياة بعد الموت، والذي ظهرت أولى بوادره في أساليب الدفن التي اتبعها البشر الأوائل قبل التاريخ؛ حيث كان يوضع مع جسد الميت أدوات كان يعتقد بأنها مفيدة له في الحياة المقبلة.. هذه المعتقدات كانت سائدة أيضاً بين المزارعين في العصر الحجري الحديث (قبل 10 آلاف عام) إذ كانوا يشهدون دورة الحياة (نبات – بذور – نبات)، فظنوا أن الأمر نفسه ينطبق على الإنسان؛ ما دفعهم إلى دفن موتاهم في وضعية الجنين (الظهر منحني والرأس مقوسة والأطراف ملتفة ومشدودة نحو جذع الجسد)؛ وذلك انتظاراً لحياة قادمة تنتظر الميت.

الإيمان بالخلود بلغ ذروته لدى المصريين القدماء الذين اعتقدوا بدايةً أنه يقتصر على ملوك الفراعنة وعلية القوم، قبل أن يصبح اعتقاداً يخص كل أفراد الشعب.. الحياة ما بعد القبر كانت أمراً يقـينياً لا يحتمل الشك، حتى أن الفراعنة قاموا بالكتابة عنه بشكل دقـيق مفصّل في "كتاب الموتى" الشهير.. كان بإمكان المتوفين الانتقال إلى الآخرة فقط بعد أن يقوموا بإعلان عدم خرقهم أي من الأسس الأخلاقية؛ بأن يقولوا إنهم لم يسرقوا ولم يقتلوا ولم يمنعوا رغيف خبز عـن فقير.

الصـقر الأبـدي
في مصر القديمة، كانت الروح تسمى "بـا" BA وكانت تمثل على شكل صقر برأس إنسان..
وكان البـا يغادر جـسد الإنسان لحظة الموت ويطير باتجاه السماء..
وكان يُعتقد أنه يعود من وقت لآخر ليزور جسده الميت.


يؤكد جون بوكر أستاذ تاريخ الأديان في عدد من الجامعات منها كامبريدج البريطانية وبنسلفانيا الأمريكية في كتابه "معاني الموت" أن اليهود في بداية تاريخهم لم يؤمنوا بأبدية الروح وخلودها، إذ كان ربهم ياهوه يعدهم بتحسين حياتهم الحالية بدلاً من الحديث عن تعويضٍ ما في حياة قادمة.. وبقي الأمر على هذا الحال حتى فترة الأسر البابلي، إذ ظهرت فكرة الخلود والحياة الثانية كمبدأ يسمح بتعويض الصالحين عما عانوه في هذه الحياة.
أما في المعتقدات الشرقية، فالروح لها وضع مختلف بعض الشيء؛ فالهندوس يؤمنون بأنها جزء من البراهما الذي هو الأصل المطلق العالمي، وأنها تبقى أسيرة السامسارا (الذي يعني بالسنسكريتية "التدفق المستمر") والذي يتمثل بدورة الحياة والموت والعودة للحياة مرة أخرى؛ أي مبدأ استنساخ الأرواح... في حين أن البوذية رأت في هذه الدورة المستمرة مصدراً للأمنيات المتواصلة التي لا تتحقق وللمعاناة التي لا تنتهي، لهـذا تم ابتداع مفهوم النرفانا، التي تسمح بخروج الروح من تلك الدورة، ويعني الوصول إليها تحقيق حالة الإلغاء الكامل؛ ففيها لا توجد معاناة ولا مشاعر إيجابية أو سلبية.
في المفهوم المسيحي، كان هناك نقاش بشأن الجسد والروح استمر لفترة طويلة، إذ كان المصطلح الأساسي في هذا الشأن هو بعث الموتى (مثل ما حدث فيما يتعلق بقيامة المسـيح بعد موته)؛ إذ كان المتعارف عليه هو أن قيامة الميت تأتي بصورة مادية، أي أن جسده يرجع إلى حالته التي سبقت الموت ويعود إلى الحياة كما كان.. وكان توما الأكويني مثـلاً قد حدد المبدأ المسيحي بتأكيد وحدة الروح والجسد وأن أحدهما لا يمكن أن يكون من دون الآخر.. ليدخل بعد ذلك مفهوم الروح بالصورة المعروفة اليوم إلى الديانة المسيحية من المدرسة الإغريقية، حيث أصبحت الروح أمراً خالداً كان موجوداً قبل الولادة وسيستمر في الوجود بعد الموت؛ بالعودة للاتحاد مع جسد الميت عندما تحين ساعة قيامته.. وهذه رؤية أخذتها المدرسة الإسلامية واعتمدتها؛ إذ قال ابن تيمية إن "الروح عين قائمة بنفسها، تفارق البدن، وتنعم، وتعذب، ليست هي البدن، ولا جزء من أجزائه".
لكن كل هذه المعلومات جاءت من مصدر واحد: ديني غيبي لا مجال لنفيه أو إثباته.

 في الأعلى، رسـم "الجنة، صـعود المباركين" الذي يعود للعـام 1500 تقريباً،
وهو جزء من رسومات "رؤى من الآخرة" للفنان الهولندي هيرونيموس بوش..
في اللوحة تظهر الأرواح وهي تصـعد باتجـاه مملكة الرب، حيث النور والجمال الخـالد..
في الأسفل، رسم (ظهر في إحدى المطبوعات التي تعود للقرن السابع عشر) يظهر الموت
وهـو ينهي حـياة شـخص ما في حين تخرج منه روحه لتلتحق بالملائكة.

وبالرغم من كل ما تقدم، من غير الممكن تحديد ماهية الروح لأن الأمر يختلف باختلاف من يقوم بتعريف الروح؛ رجال دين، فلاسفة، علماء نفس، مثقفون.. هناك من يؤكد أن الروح هي كل ما يشكل شخصية الفرد وطباعه وخصاله وأنها هي التي تجتمع فيها ذكرياته ومشاعره وأحلامه وخبراته، في حين هناك من يقول إن كل هذه الأمور مركز وجودها هو الدماغ وأن كلمة الروح هي الكلمة التي اختارهـا القدماء للتعبير عن كل القدرات الخارقة التي لم يتمكنوا من تحديد مصدرها، كالإبداع والابتكار والتفكير والوعي بالذات وبالمحيط البيئي وبالروابط الخاصة التي تتمثل بالعلاقات الأسرية والشخصية.. وفي الوقت الذي يؤكد فيه أصحاب الفكر الديني أن الروح خالدة تتجاوز الموت البدني، يصر أصحاب الفكر العلمي على تأكيد أن ما يعرف بالروح (وهو الدماغ في هذه الحالة) يموت بموت الجسد وينتهي بانتهاء حياة الفرد.. علماء النفس بدورهم يرون أن الروح هي مجموع الوعي واللاوعي للإنسان وأنها تتحكم بمشاعره وأحاسيسه وإدراكه، وبذلك فهي تسمح لنا بمعرفة الفرق بين البرد والدفء، وبين المتعة والألم.. الخلافات الرئيسية تبدأ بالظهور بين المدارس المختلفة عند طرح أسئلة مهمة من قبيل: "متى تولد الروح؟" و"متى وكيف يمكننا التواصل معها؟"

الحـياة الآخرة.. وفق تصـورات مختلفة
إلى اليمين، صـعود الأرواح المباركة السعـيدة إلى الجـنة بالمفهوم المسـيحي وفق ما تصورها
الفنان الفرنسي غوستاف دوري اعتماداً على ما جـاء في كـتاب الكوميديا الإلهية لدانتي أليغييري.
إلى اليسـار، يظـهر الرسـم الذي يعود إلى أصـول إيرانية السـموات السـبع والجنان السـبع
وفق المفهوم الإسـلامي.. هذا الرسم موجـود في المكتبة الوطنية في العاصـمة الفرنسية باريس.

وماذا عـن حوادث الخروج من الجسد التي يبلغ عنها أشخاص كانوا خاضعين لعمليات جراحية؟ وماذا عن تجارب الاقتراب من الموت التي يتحدث عنها بعض من كان في غيبوبة؟ الحقيقة التي يؤكدها علماء الأعصاب والمتخصصين بمجال عمل الدماغ أن حالات كثيرة مصدرها غياب قدرة الدماغ على تجميع معلومات عـن الظروف والمؤثرات المحيطة، وفي بعض المرات يكون عدم وصول كميات كافية من الأكسجين إلى الدماغ هو السبب في الضعف التدريجي في أداء الجهاز العصبي لوظائفه تدريجياً، ما يجعل الدماغ يترجم الوضع بهذه الصورة، في حين أن دراسات كثيرة أظهرت أن مادة الكيتامين التي تستخدم في التخدير السابق للعمليات الجراحية مسؤولة عن الكثير من أوهام الخروج من الجسد وتجارب الاقتراب من الموت التي يكثر الحديث عنها.


ضوء في نهاية النفق
نفق طويل في آخره مصدر ضوء قـوي.. وعلى الكتف، هناك يد توقف الشخص عن مواصلة
المسير باتجاه الضوء.. هذا عادةَ ما يرويه أشخاص فـي العالم الغربي عـندمـا يفيقـون من غـيبوبة.

الخـروج من الجسـد
خلال عملية جراحية مثلاً، يؤكد مرضى أنهم مروا بتجربة مغادرة أجسادهم ورؤية
كل ما يجري في غرفة العمليات من الأعلى، وتقديم بعض التفاصيل عما كان يجري في الغرفة.


ورود وأشـجار

بالنسـبة لمواطـني شـرق آسـيا الذين كانوا في غـيبوبة، فإن روايتهم تتعلق بعـبورنه
بين أشجار وورود جميلة، كما في هذا الرسم الياباني.. الثقافة تؤثر كثيراً على تصور الآخرة.

Wednesday, August 6, 2014

مجرد سؤال .. مجرد أسئلة

ما الذي حدث؟ وما الذي تشهده دول الشرق الأوسط؟ ولماذا؟
ربيع جاء إلى الدول العربية.. ربيع تحول إلى خريف، فشتاء قارس... برد لا يريد إطلاق سراح شعوبنا من براثنه.. حقبة جليدية تتمدد من بلد إلى آخر ومن دولة إلى دولة، ولا يبدو أن نهايتها قادمة.
قتلى بالعشرات، بالمئات، بالآلاف، تحولوا إلى مجرد أرقام تتناقلها وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتلفزيون..
كل واحدة من الذين قتلوا كانت أماً أو اختاً أو ابنة أو صديقة.. كل واحد منهم كان أباً أو أخاً أو ابنا أو صديقاً... كانت لكل واحد منهم قصة.. ولكل منهم كانت هناك آمال وأحلام وخطط مستقبلية؛ له ولأسرته.. لها ولأسرتها.
لماذا؟ وبأي ذنب قتلوا؟ غاب السؤال، وتجاهلته سبل البحث.. من أين جاء الموت؟ ومن أين جاؤوا هؤلاء الذين يحملونه للجميع؟ لا إجابة.. خرج ملائكة الموت بمظهر أشخاص جاؤوا من ماض سحيق، وكأنهم تمكنوا من العثور على آلة للزمن حملتهم من القرن السابع إلى يومنا هذا.. قلوبهم مليئة بالكراهية والحقد على كل شخص وكل شيء وكل اعتقاد وكل رمز وكل مظهر وكل رأي.. ولا يعرفون إلا القتل والدمار.. البناء والتقدم والحضارة كلمات لا وجود لها في قواميسهم.
كيف تمكنوا من الاختباء وتمويه صورة أجسادهم وأفكارهم وأحقادهم كل هذه السنين؟ وما الذي كانوا بانتظاره؟ ومن الذي أعطاهم إشارة الانطلاق لبث الرعب والدمار أينما حلوا؟
والتساؤل الأهم الذي يتبادر إلى الذهن هو: كيف نمت لديهم هذه المشاعر السوداء؟ ألم يكن في حياتهم حب، ولو حتى لأمهاتهم وآبائهم؟ ألم يعرفوا معنى الحياة؟ من أين جاؤوا؟ أي حليب رضعوا صغاراً؟
من العراق إلى سورية وليبيا ومصر ولبنان وتونس.. انتشروا كالنار في الهشيم.. أصبح وجودهم واقعاً، وغيابهم عن مكان ما أصبح محل استغراب وتعجب.. غاب أي شعور بالإنسانية والتعاطف والمحبة، وحل الخوف محل كل المشاعر الطيبة.
إلى متى؟

وأي ربيع هذا؟

Thursday, May 29, 2014

حرية الرأي والتعبير

من الغريب حقاً أن تجد أشخاصاً يمكنك الحديث معهم والنقاش والتفكير بشكل جماعي فيما يتعلق بأي موضوع؛ سياسي، اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، أو حتى لغوي، من دون أي حساسية أو تردد، ومن دون توقع أي رد فعل سلبي أو عدائي أو حتى هجومي.. إذ إن هؤلاء الأشخاص سيردون على حجتك بحججهم وعلى أفكارك وآرائك بأفكارهم وآرائهم.. وهم سيحاولون إقناعك بوجهة نظرهم، وقد يقتنعون هم برأيك.. الأمر الذي يجعل أي حوار من هذا النوع مثمراً، عبر تبادل المعلومات وتوضيح الفكر وطرح الآراء بين الجانبين.

لكن إن بدأت حديثاً يرتبط بالتاريخ العربي الإسلامي أو بالدين الإسلامي نفسه، تجد أن المنطق والاعتدال والرغبة في الحوار والإقناع تختفي تماماً، لتحل محلها حدة ونبرة صوت مرتفعة وعدائية، تنقلب مع الدقائق الأولى من الحوار إلى هجوم على شخصك وعلى خلفيتك الثقافية والوطنية (أو القومية)، ليلي ذلك رفض قاطع لإتمام الحديث إن لم يكن هناك احترام أو حصانة تحمي معتقداتهم وموروثاتهم الدينية من أي انتقاد أو بحث أو دراسة.

الفكرة الرئيسية التي يجب على الجميع فهمها هي ألا شيء فوق مستوى البحث والدراسة والرأي والرأي الآخر.. من الممكن القول إن ما تؤمن به لا يخضع للمنطق الذي يطرحه شخص آخر لم يولد في عائلة دينها أو معتقداتها مماثلة لدينك ومعتقداتك، لكن ما الغريب في أن يكون منطقه مخالفاً تماماً لمنطقك وأسلوب تفكيرك والمصادر التي تعتمد عليها في بناء آرائك؟ أليس هذا هو الأمر الطبيعي؟ لماذا يطالب البعض بضرورة احترام الآخرين لمعتقداتهم وأسس دينهم وتفكيرهم، إن كان الآخرون لا يؤمنون بتلك المعتقدات؟ كيف يمكن لك أن تحترم أفكاراً أنت تؤمن بلا أدنى شك أنها خاطئة ولا تمثل الواقع ولا تستحق الاحترام؟ الأساس في الفكر الديني أنه اعتقاد خاص بكل فرد بناءً على أسس جاءته من الماضي وحملها والده وجده وأسلافه قبل وصولها إليه.. وهذا هو أصل كل الأديان.

والمسألة تتجاوز الاختلاف بينك وبين شخص لم يولد لعائلة تدين بدينك وتؤمن بمعتقداتك؛ إذ إن الاختلاف قد يقع بينك وبين شخص تؤمن عائلته تماماً بما تؤمن به أنت وتثق بصحته عائلتك، لكن هو قرر التفكير بشكل مستقل ووصل إلى نتائج تخالف المعتقدات التي تؤمن أنت وعائلتك وأفراد أسرته بها.. هل يعني ذلك أن هذا الشخص محروم من حق التفكير والبحث والدراسة، وبالتالي لا يحق له الاختلاف مع من حوله عبر بناء هيكلية فكرية مستقلة وبعيدة كل البعد عن معتقدات والديه ومعتقداتك أنت أيضاً؟


حرية الرأي والتعبير التي تكفلها كل الديمقراطيات في العالم تؤكد أن من حقك أن تؤمن بما تشاء، لكن من حق الآخرين أيضاً رفض ما تؤمن به والتعبير عن ذلك عبر توضيح أسباب رفضهم لمعتقداتك.

Friday, March 14, 2014

العدد رقم 46 من مجلة "آفاق العلم"

العدد السادس والأربعون من مجلة "آفاق العلم" (عدد مارس - أبريل 2014) قد صدر ويمكنكم تنزيله من موقعنا:







مواضيع العـدد


أخبار علمية

سـؤال وجواب
حـشـرات
الحـكايات الخـرافية
القصة الملحمية لقطرة مياه نقية
وماذا لو لم يكن يتمدد؟
أديان متشابهة.. لماذا الصراعات
الجريمة في أدب الخـيال والخـيال العلمي
"حقائق" أفلام الخـيال العـلمي
هل سيزداد ذكاؤنا؟

HiTech
كلمة أخـيرة

Tuesday, January 14, 2014

Globalization - Successes & Failures


It was supposed by some and alleged by others that when conditions are right and when needed tools are available, people will get closer to each other, in the meaning that their values and thoughts and views regarding the whole world will be more similar and cohesive than before.

What happened was different, as many factors that form the basic structure of societies and communities cannot take part in a realm created by united thoughts and ideals and newly discovered methods and ethics-related principles. The most important of those factors is religion. Its roots go way back hundreds of years (if not thousands) and each one of the various facets of faith in different parts of the world created its own view of life, the universe and what humans should mean within it. Religions forced their own moral codes and ethical elements to be implemented on societies; they divided people into followers, non-followers (in the case of followers of other religions) and non-believers. Thus, it was totally hard for any modern system to come and challenge the hierarchy that was formed and the structure that was already present. Mostly, globalization is still being fought by religious people and by priests and clerics and rabbis because it opens the eyes of people to the world that they were forbidden, by their religious leaders, to see. And this is viewed as a serious threat by those leaders, a threat they are ready to fight in every way possible.

The second party that is opposed to globalization and homogenizing of peoples is nationalists. The main idea to love one’s country is, by and of itself, a call to reject any unification with other peoples. Nationals tend always to emphasize points like: Our nation is the best and most exceptional in the world; we have qualities that no other nation has, we are superior. To convince individuals of such ‘superiority’, the only thing any nationalistic regime can do is to isolate the people and close them within one country, so that they do not have any possibility to compare. This is practically putting barriers between peoples. And it is clear that globalization provides people with tools that allow them to break through that wall and that barrier and to take a look at the other side.

It is not true that the global application of communication technologies and information exchange will make it easier to eliminate the differences between varied cultures and ways of life, especially concerning traditions that have been culturally and geographically isolated from each other. The idea that new ways are coming to old traditions created something that was not even heard of before, it created calls for struggle against the elimination of culture and religion and tradition and ways. And economically, instead of pushing nation-states and peoples to produce more and better using the elements provided by globalization, it became a reason for them to isolate themselves with the excuse of protecting national values, industries, heritage, and life.

What is mentioned above does not mean that globalization failed everywhere, instead it worked very well in the west and, to some extent, in countries like Japan and South Korea. Its effects are felt deeply in countries like Russia, Israel and some countries in South America. But the fact remains that in countries which are more influenced by more rigid religious structures, and in countries ruled by ideological and nationalistic regimes, there is still a long way to go. And globalization has what it takes to prevail in the end.

Sunday, January 5, 2014

الإبداع وأسس التقدم

كلما تحدثنا عن المشكلات التي يعاني منها مجال التفكير والإبداع في دولنا الشرق الأوسطية، كلما عادت المسألة برمتها إلى عوامل مركزية تتمحور حولها أسس الثقافة والفكر والمعرفة في المجتمع... القضية لا ترتبط بالقيادات السياسية أو بالعوامل الاقتصادية بقدر ما هي مرتبطة بحزمة من المحظورات والمحرمات، إضافة إلى مجموعة من الأمور المكروهة، التي يتم من خلالها فرض احترام موروث ثقافي وتقاليد مهترئة على الجميع، وخاصة على الصغار... والفرض هنا يتعلق بتربية الأطفال على التخلي عن عادة طرح الأسئلة وعن الفضول الشديد الذي يميزهم عن البالغين، ويتعلق بدفع الأطفال إلى الابتعاد عن الخوض في أمور بعينها وتحذيرهم من مغبة ذلك مراراً وتكراراً حتى يتم إقناعهم بضرورة اتباع قوانين الآباء والأجداد والابتعاد عن التفكير المستقل المحايد، بما يكفل أن يصبحوا هم حملة راية التخلف والفكر الظلامي ومن يحميه في المستقبل... وحتى عندما يبرز أشخاص يتمكنون من الحفاظ على قدراتهم العقلية وعلى رغباتهم في البحث والتقصي بشكل مستقل بعد تجاوزهم مرحلة الطفولة، فإن السلطات، سواء الدينية أو القضائية، تبذل كل ما في وسعها لتحويل تساؤلات هؤلاء وأبحاثهم وآرائهم إلى قضايا جنائية، أو حتى ملفات استخباراتية ’تهدد الأمن الوطني‘، تؤدي، في حالات عدة، إلى السجن أو الجلد، أو ما هو أسوأ من ذلك.

من وقت لآخر، نتفاجأ بما يكتبه البعض في مقالات تنشر على صفحات جرائد أو مجلات ورقية أو في مواقع إلكترونية حول موضوعات منها: "لماذا الغرب متفوق علينا في العلوم والتكنولوجيا؟" أو "ما مستقبل أدب الخيال العلمي في هذه الدولة العربية أو تلك؟" أو "لماذا لا يمكن لأبنائنا الإبداع والتطوير كما يفعل أبناء الصين أو دول أوروبا أو الولايات المتحدة؟".. الحقيقة تكمن في أمر واحد، هو الحرية... في الصين، الحديث لا يتعلق بالحرية السياسية أو حرية التعبير عما يتعارض مع أسس وهيكلية الدولة أو مع أيديولوجيتها، بل يدور حول الحرية الفكرية والثقافية، حيث لا يجبرك أحد على الاعتقاد أو الإيمان بشيء دون غيره، ولا تشعر بأنك مهدد بعقوبات جسدية ومعنوية عند الخروج على أفكار أو تقاليد أو عادات أو معتقدات متوارثة، ولا تضطر إلى الاختباء أو تغيير هويتك واسمك عندما تريد التعبير عن رأي معين، بغض النظر عن طبيعة الموضوع الذي يلامسه ذلك الرأي... لا توجد حدود أو قيود على العقل في الدول التي تدفع مواطنيها إلى التطور والإبداع، ولا توجد عقوبات على من يعبر عن رأيه، وبالطبع تتم مكافأة المبدع عندما يثبت بطلان فكرة أو رأي أو مبدأ قديم بالدليل القاطع والبرهان العقلي السليم، بدلاً من أن يهان ويسجن ويعذب.