Friday, June 28, 2024

المناظرة المنتظرة بين بايدن وترمب... خطة معدة مسبقا للتخلص من جو


بعد متابعة المناظرة بين الرئيسين الأمريكيين، الحالي جو بايدن، والسابق دونالد ترامب، من الصعب التفكير بأي طريقة كان يمكن فيها لبايدن الفوز، مع معرفة كل ما سبقها خلال العامين الماضيين، من عثرات وهفوات وأخطاء كان يقع فيها جو بايدن.
كان من المتوقع أن يتلعثم بايدن ويفقد سياق الحديث ويتفوه بكلمات وجمل مبهمة وغير مفهومة، إذ لم يكن بإمكان كل العقاقير والحقن والتدريبات أن تعيده إلى سابق عهده... لماذا إذن كان القبول بالمشاركة في هذه المناظرة المأساة له وللحزب الديمقراطي؟

يبدو أن الخطة كانت معدة مسبقاً في دهاليز الحزب للتخلص من عبء الجد جو وكل المشكلات التي يجلبها بقاؤه في السباق الرئاسي، ولذلك أُعطي الضوء الأخضر للمشاركة في المناظرة في هذا الوقت المبكر وقبل إعلان ترشيحه الرسمي في ٢٢ أغسطس المقبل في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي؛ لتمكين الديمقراطيين من اختيار مرشح آخر قبل فوات الأوان، خاصة وأن لا أحد يريد المخاطرة بأن تصبح كامالا هاريس رئيسة للولايات المتحدة في يوم مظلم قادم، إن تم انتخاب بايدن، بمعجزة، لفترة ثانية.

الخطة كان قد تم الحديث عنها بشكل خجول خلال الأيام القليلة الماضية، والبديل جاهز وتم تحضيره وتهيئة صورته منذ أشهر؛ غافين نيوسام، حاكم ولاية كاليفورنيا:

- الصحفي الشهير سيمور هيرش يتحدث عن أفكار استقاها من مصادر ديمقراطية لاستبدال بايدن بنيوسام أو بحاكم إلينوي، بريتسكر، في حال فشل العجوز بايدن في المواجهة مع ترمب، نُشر بتاريخ ٢١ يونيو (قبل أسبوع من المناظرة):


- "الحاكم جافين نيوسوم سيكون بديلاً لحملة الرئيس بايدن قبل المناظرة" نُشر بتاريخ ٢٦ يونيو (قبل يومين من تاريخ المناظرة):


- "الرئيس بايدن رجل طيب توج مسيرته الطويلة في الخدمة العامة بفترة رئاسية ناجحة. لكني آمل أن يراجع أداءه في المناظرة مساء الخميس وينسحب من السباق، ويطرح اختيار مرشح ديمقراطي للمؤتمر في أغسطس":


ولكي ندرك أن الأمر ربما كان جاهزا تم التحضير له، يجب أن لا نتفاجأ بعد دقائق فقط من انتهاء المناظرة بنشر أخبار مثل تلك التي نقلتها سي إن إن بأن مشرعين ديمقراطيين بدأوا في دعوة بايدن للانسحاب، وعقد مؤتمر حزبي مفتوح لاختيار مرشح آخر للحزب:

أو المقال الذي سارع إلى نشره على موقع نيويورك تايمز الصحفي المعروف توماس فريدمان تحت عنوان "الرئيس بايدن صديقي. لكن يجب عليه أن يتنحى عن السباق":

 
يبدو أن بايدن وقع في فخ ديمقراطيين كانوا يدركون أن لا فرصة لديه بالفوز هذه المرة، ولم تكن لديهم الرغبة في تسليم مفاتيح البيت الأبيض لترمب بهذه السهولة.

Saturday, June 1, 2024

احتكار المعلومات: عواقب الهيمنة الأمريكية على قطاع التكنولوجيا

 


قبل سنوات، ربما تجاوزت في تعدادها الآن 25، كان بين زملائي العاملين في مجال الكمبيوتر بإيطاليا من دعاني وبشكل متكرر لحضور جلسات وندوات، بالإضافة إلى دورات سريعة، لتعلم العمل على أجهزة بنظام التشغيل "Linux" بإصداراته وأسمائها المختلفة، ما بين Red Hat و Debian و Suse وغيرها.


لكني كنت دائما أذهب إلى تلك الندوات والتجمعات متردداً: ما ضرورة تعلم نظام تشغيل غير منتشر ولا تستخدمه إلا قلة قليلة من المتابعين والمتحمسين والخبراء؟ ولماذا يجب علينا تغيير كل البرامج التي تعودنا على استخدامها، بما في ذلك برامج الكتابة أو معالجة الكلمات Word أو TextEdit، وبرامج جداول البيانات مثل Excel، بالإضافة إلى برامج تعديل الرسوم Graphics programs وبيئات التطوير ولغات البرمجة التي تعلمناها وتعودنا على استخدامها، وغير ذلك الكثير؟

الإجابة كانت تأتيني من شقين؛ الأول ضرورة تعلم أشياء جديدة والمساهمة في توسيع معارفنا التقنية وعدم حصر مهاراتنا ضمن مجال البرمجيات بشكل عام... أما الشق الثاني، فكان ذا بعد سياسي، لم يكن يعنيني جداً في حينه، وربما لم أدرك أهميته وما سيسفر عنه في المستقبل: نظاما التشغيل السائدان في ذلك الوقت؛ ويندوز المنتشر في كل مكان ولكل الاستخدامات على أجهزة الكمبيوتر الشخصي PC من شركة مايكروسوفت، وماك الأقل انتشاراً، من شركة أبل.


بعد قرابة ربع قرن، اتضحت الصورة بشكل كبير؛ فالعالم بات أسيراً بين نظامي تشغيل أمريكيين، وهذا جلب معه احتكاراً عالمياً من نوع جديد لم يكن معروفاً في تسعينيات القرن العشرين ألا وهو احتكار نطاق المعلومات.. كل شيء تقريبا نعمل اعتماداً عليه اليوم، بات أمريكياً بشكل أو بآخر: استخداماتنا للإنترنت، أنظمة تشغيل الهواتف الذكية، سواء أندرويد (وهو نظام تشغيل خاص بغوغل يعتمد على نسخة معدلة من Linux kernel وبرامج أخرى مفتوحة المصدر) أو iOS الخاص بأبل، وأنظمة تشغيل الساعات الذكية وغيرها؛ القسم الأعظم منها يأتينا من الولايات المتحدة، ومعها تأتي قواعد اللعبة المعلوماتية التي تتحكم بها واشنطن على مستوى العالم.


وبالرغم من وجود أنظمة Linux واستمراريتها حتى اليوم، بشكل خاص للاستخدامات المتخصصة، فهو لا يحتل أكثر من 4٪ من سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصي على مستوى العالم، ومع ذلك فالميزة التي كان أصدقائي وزملائي الإيطاليون يتحدثون عنها؛ وهي أن نظام Linux أوروبي، لم تعد صحيحة في المطلق لأن شركات أمريكية كثيرة استثمرت في تلك الأنظمة والإصدارات.


بالطبع، هناك محاولات، منها ما يأتينا من الصين، للخروج من عباءة الأنظمة الأمريكية، لكنها لا تزال محاولات قليلة ومتواضعة وتفتقر للقدرة على الانتشار، بالإضافة إلى أنها تتعرض لحرب حقيقية تشنها عليها واشنطن لإفشالها ومنع وصولها إلى دول العالم.


منذ ربع قرن، ربما كان علينا الإصغاء إلى أصدقائنا والعمل بشكل أكبر لتشجيع أنظمة تشغيل مفتوحة المصدر، مثل Linux وغيره، للحيلولة دون الوصول إلى ما نحن فيه الآن من احتكار للتكنولوجيا والأجهزة والمعلومات.


هل فات الأوان؟

معضلة الزمن.. التكنولوجيا كمعيار لمرور السنين في أعمارنا

إنه بالفعل أمر مثير للدهشة وفي الوقت ذاته مربك إلى حد كبير؛ أن ندرك أن بعض الناس الذين نعرفهم ونتعامل معهم اليوم ليست لديهم أي معرفة بالمعال...