من السهل أن نتخيل مستقبلًا مليئًا بالسيارات الطائرة الذاتية القيادة أو حتى الرحلات الروتينية إلى المريخ (التي يعدنا بها إيلون مسك) فالتكنولوجيا تتقدم بخطوات كبيرة ومتسارعة يصعب اللحاق بها بشكل مستمر.
وفي عالمنا الخاص، تغرينا التقنية دائمًا بأحدث الأجهزة، سواء كانت أفضل الهواتف الذكية أو أقوى الكمبيوترات المحمولة.
وغالبًا ما نعتقد أن هذه المنتجات ستتفوق على المنافسة، وستوفر لنا سنوات من
السعادة، وستبرر الاستثمار فيها.
كثير منا يعرف هذا الشعور جيدًا — سواء كان ذلك
عند شراء أول جهاز Microsoft Surface Pro وأول iPad Pro من أبل مع قلم Apple Pencil
المتفوق، أو حتى هاتف Galaxy
Fold... إن الترقب لامتلاك شيء جديد ومتطور قد يكون أقوى من أن يقاوَم...
لقد استخدمتُ هذه المنتجات بشكل مكثف وقدرت الإثارة التي قدمتها والشعور
الإيجابي الذي جلبته معها.
الآن، الاهتمام الأكبر يتجه نحو الحواسيب
الشخصية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي... المفهوم بسيط: يجب أن تحتوي الكمبيوترات،
التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، على وحدة معالجة مركزية (CPU) ووحدة معالجة الرسومات (GPU) ووحدة معالجة
عصبية (NPU) مصممة لتلبية
متطلبات الحوسبة المتوازية الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، لو كنت قد اشتريت حاسوبًا
شخصيًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي في بداية هذا العام، فهو سيكون قديماً بالفعل
الآن؛ ظهرت شريحة Intel Meteor Lake “Core
Ultra” بوحدة المعالجة العصبية (NPU) في "الكمبيوترات
المحمولة الذكية" من Acer و Lenovo... ومع ذلك، بحلول شهر مايو، أعلنت مايكروسوفت أن تلك الأجهزة باتت بطيئة
جدًا في تلبية معاييرها الجديدة الخاصة بــ Copilot+،
والتي تتطلب وحدة معالجة عصبية قادرة على تنفيذ 40 تريليون عملية في الثانية (TOPS)،
فيما يمكن لوحدة الـ (NPU) من إنتل معالجة 10 تريليون عملية في
الثانية فقط... والآن، الحواسيب الشخصية التي تعتمد
على شرائح ARM من Qualcomm والمصممة خصيصًا
لتلبية هذا المعيار تغزو الأسواق.
لكن هل هذا التطور كافٍ لتبرير شراء أجهزة جديدة؟
شخصيًا، لا أعتقد أن التبني المبكر للكمبيوترات
التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي هو الخطوة الأذكى في الوقت الحالي.. وأخطط للتمسك
بأجهزتي الحالية لفترة أطول، محاولًا الاستفادة من قيمتها إلى أقصى حد قبل
الانتقال إلى الخطوة التكنولوجية الأكبر.
وفيما نتحدث عن هذا الموضوع، يجدر بنا أن نسأل:
ما هو الإنجاز الكبير التالي في التكنولوجيا؟ لقد فكرت في هذا كثيرًا في الفترة الأخيرة... ولسنوات،
توقعت أن "الذكاء الاصطناعي" سيكون الحدث الكبير المنتظر. ولكن مع
الاهتمام الكبير الذي حصل عليه الــ AI مؤخرًا، يبدو أن هذا الجواب بات
قديمًا؛ فالذكاء الاصطناعي الآن يبدو جزءاً من الحاضر أكثر من كونه مشهداً من
المستقبل.
إذن، ما البديل؟ الحوسبة الكمية (Quantum Computing) التي تستخدم
مبادئ الفيزياء الكمية لإنشاء كمبيوترات فائقة السرعة قادرة حتى على فك شيفرة أكثر كلمات المرور أمانًا
وتعقيداً.. لكن هذه التقنية لا تزال بعيدة عن الاستخدام العملي في الأجهزة الشخصية..
هل البديل هو Web 3.0؟ الذي يعد إنترنت أكثر ذكاءً من دون مركزية في
إدارته، حيث يكون الذكاء الاصطناعي موجودًا في كل أرجائه، مما يجعل استخدامات
الإنترنت أكثر سهولة وكفاءة.. سيكون نظاماً يتم فيه ربط جميع البيانات العالمية،
مما يسمح للآلات بفهم وتفسير المعلومات بمستوى مماثل لذلك الخاص بالبشر.
وعلى عكس
الواقع الذي نعيشه اليوم، حيث تتحكم شركات التكنولوجيا الكبرى في بيانات
المستخدمين، يعد Web
3.0 بتمكين الأفراد من السيطرة على معلوماتهم الشخصية.. فيما ستضمن تقنية الـ Blockchain الشفافية والأمان، ما سيسمح بالتبادلات
المباشرة بين الأفراد دون وسطاء مثل البنوك أو الشركات، وستسهل العملات المشفرة المعاملات،
وستقوم العقود الذكية بأتمتة الاتفاقيات.
نظريًا، يمكن
أن يجعل هذا التحول عمالقة التكنولوجيا التقليديين والمؤسسات المالية الكبرى أقل أهمية،
مما يحقق ديمقراطية الإنترنت وتمكين المستخدمين.
وبعد كل ذلك، ربما علينا أن ننظر إلى ما هو أبعد من السيليكون؛ التكنولوجيا الحيوية تتقدم بسرعة، مما يمكّن من تحقيق اختراقات في المجالات الطبية، وتعديل الجينات، وعلم الأحياء الاصطناعي، الأمر الذي قد يطلق ثورة في الرعاية الصحية.
وسط هذه الأفكار، غيّرت محادثة واحدة وجهة نظري؛ عندما سألني شخص مؤخراً عن توقعي للإنجاز الكبير القادم، كانت لدي إجابة جديدة: الروبوتات المستقلة والواعية ذاتياً... تخيلوا آلات ليست فقط ذكية، بل أيضاً مستقلة وقادرة على الاعتماد على نفسها. ومع ذلك، يجب أن نتعامل بحذر مع هذا الاحتمال: إذا أصبحت الروبوتات ذكية جدًا، فقد تستنتج ببساطة أن البشر أغبياء للغاية ويمكن القضاء عليهم بسهولة... دعونا نأمل ألا تصل إلى هذا الاستنتاج قريبًا.
No comments:
Post a Comment