Sunday, September 28, 2025

الذهب في مواجهة الدولار: هل يتغيّر ميزان القوة في العالم؟


إياد أبو عوض


منذ عقود طويلة، كان الدولار الأمريكي هو الملك المتوَّج على عرش المال العالمي. كل شيء تقريباً يُسعَّر به: النفط، القمح، وحتى احتياطيات الدول الكبرى.. لكن في السنوات الأخيرة بدأ الذهب يعود بقوة إلى المشهد.. والهدف؟ مشاركة الدولار في زعامته.

 
لماذا يعود الذهب إلى الواجهة؟

1- البنوك المركزية تكدّس الذهب

دول كبرى مثل الصين وروسيا والهند وتركيا بدأت تشتري الذهب بكميات ضخمة.. لماذا؟

  • لأنها لم تعد تشعر بالأمان في الاعتماد الكلّي على الدولار، خصوصاً بعد أن استخدمته الولايات المتحدة كسلاح لفرض عقوبات على دول عديدة.
  • الذهب لا يتبع لبلد معين، ولا يمكن تجميده أو مصادرته بقرار سياسي، لذلك يعتبر ملاذاً آمناً.

والنتيجة أن الذهب أصبح يمثل حصة أكبر في احتياطيات هذه الدول.

 

2- ارتفاع قياسي في سعر الذهب

مع زيادة الطلب من الدول والمستثمرين، ارتفع سعر الأونصة إلى أكثر من 3600  دولار:

  • المستثمرون يلجأون إليه خوفاً من التضخم وفقدان قيمة العملات الورقية.
  • وعندما تخفّض الولايات المتحدة نسبة الفائدة، يصبح الدولار أقل جاذبية، فيتحوّل الكثيرون نحو الذهب.

 

هل انتهى عصر الدولار؟

ليس بعد... الدولار لا يزال الأقوى، لكنه لم يعد وحيداً في الساحة.

  • أغلب السلع والنفط ما زالت تُسعَّر بالدولار.
  • أكثر من نصف الاحتياطات العالمية ما زالت به.
  • الأسواق المالية الأمريكية تبقى الأكبر والأكثر سيولة.

ومع ذلك، الجديد أن الذهب لم يعد خصماً للدولار كما في الماضي.. في الأزمات نرى المستثمرين يتجهون إليهما معاً، وكأن العالم عاد إلى القاعدة الأساسية في الاستثمار: عدم وضع البيض كله في سلة واحدة: بل في سلتين، على الأقل.

 

البريكس تتحدّى

دول مجموعة البريكس (مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا) تعمل على تقليل اعتمادها على الدولار، من خلال:

  • التسويات التجارية بعملاتها المحلية.
  • إنشاء منصات دفع بديلة عن نظام "سويفتالغربي.
  • تخزين المزيد من الذهب لحماية نفسها من العقوبات الأمريكية.

قد لا نرى قريباً عملة موحدة للبريكس، لكن خطواتها الواضحة تُظهر اتجاهاً نحو نظام مالي عالمي جديد لا تتحكم فيه عملة واحدة.

 

الفكرة الرئيسية؟ إعادة توازن لا انقلاب

الذهب لن يحل مكان الدولار في حياتنا اليومية، لكنه أصبح ثِقلاً موازناً له في النظام المالي العالمي. هذا يعني:

  1. الدول بات لديها خيارات أكثر، وليست مضطرة للاعتماد الكامل على الدولار.
  2. الذهب أصبح درعاً يحميها من الضغوط السياسية والاقتصادية؛ ما قد يحد من قدرة واشنطن على المناورة في الملفات الدولية.
  3. العالم يتجه نحو نظام مالي متعدد الأقطاب، لا تهيمن عليه عملة واحدة.

حتى اليوم، الدولار لا يزال الزعيم، لكنه اليوم يتقاسم المسرح مع الذهب الذي عاد لاعباً رئيسياً في رسم خريطة المال العالمية.

 

 

No comments:

Post a Comment

الذهب في مواجهة الدولار: هل يتغيّر ميزان القوة في العالم؟

إياد أبو عوض منذ عقود طويلة، كان الدولار الأمريكي هو الملك المتوَّج على عرش المال العالمي. كل شيء تقريباً يُسعَّر به: النفط، القمح، وحتى احت...