بتطور البشـرية
واتجـاهـها بشـكل متواصل نحو العـصر الرقمي، باتت عـادة القراءة تشهد انخـفاضاً
مسـتمراً لدى الأغلبية؛ فمعظم الناس يفضـلون الإنترنت وصـفحات الويب، أو الألعاب
الإلكترونية، أو مشـاهدة الأفلام والتلفزيون بغرض الترفيه.. لكن الذين يسـتمتعون
بالقراءة، يجـدون مئات الأسـباب التي تبقيهم مخـلصين لهذه الهواية بشـكل كبير؛ فهي
عادة ممتعة ومفيدة، وقد تكون رخـيصة الثمن (إن لم تكن مجانية بالكامل)، وتستحوذ
على كل حواس من يمارسها وتغمره بشكل كامل.
هذه الأسباب على
الأغلب لن تقنع غير القراء بالانضـمام إلى نادي محبي القراءة، لكن هناك في الحقيقة
أسـبابا أكثر إقناعاً، ربما تفاجئ البعض، قد تساعدك على تغيير رأيك.
الحفاظ على شباب
الدماغ وسرعة عمله
دراسة تم نشرها في
مجلة Neurology في عام 2013 وجـدت أن كبار السـن، الذين قاموا خلال حياتهم، بتسلية
أنفسهم بالقراءة أو بحل الكلمات المتقاطعة، لديهم تباطؤ القدرات المعرفية العقلية
الخاصة بالشيخوخة أقل بما نسبته 32% مقارنة بغيرهم، إذ إن هذه الأنشطة تعمل أيضاً
على إبعاد خطر مرض ألزهايمر وتؤخره.. القراءة قد تعيد إحياء أو تنشيط مسارات عصبية
نائمة أو غير مفعّلة في الدماغ.. هذه العادة تحسـن أيضاً الذاكرة وتقويها من خلال
تحفيز أجزاء في الدماغ لا تؤثر فيها مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى الموسيقى.
القدرات العقلية
بالإضافة إلى ما
سبق، القراءة يمكنها تحسين مستوى التفكير التحليلي Analytical
Thinking،
وزيادة التركيز، ومن الممكن أن يكون لها تأثير علاجي نفسي أيضاً؛ فقد تمت دراسة
مجموعة من الأشخاص المصابين بالاكتئاب المرضيّ، وكانت النتيجة أن من يقوم بالقراءة
بصوت مرتفع يشعر بتحسن وبنتائج إيجابية أكثر، وقد أكد باحثون أن الغوص في عالم
الكتاب يساهم في تقليص حالات التوتر بنسبة 68%؛ وهي نسبة تفوق بكثير مثيلاتها
المرتبطة بالاستماع إلى الموسيقى أو المشي.. عالمة الأعصاب البريطانية سوزان
غرينفيلد تؤكد أن القراءة تزيد طول فترات الانتباه Attention
span؛
وهي الفترة التي يستطيع فيها الفرد التركيز على نشاط واحد، لاسيما لدى
الأطفال، إذ تفيدهم هذه العادة في تعلم السـببية (الربط بين سبب حدث أو ظاهرة ما
بنتائج ذلك الحدث أو الظاهرة).
توسيع الآفاق
بطبيعة الحال،
تعتبر الكتب أسلوباً رائعاً لتكوين قاعدة معرفية جيدة.. فالكتب يمكنها زيادة عدد المفردات
اللغوية وتحسين نوعيتها، بالنسبة إلى الصغار والبالغين، ويمكنها أيضاً أن تكون
مصدراً مستمراً لمعلومات جديدة.. قدرتك على الكلام بوضوح وبأسلوب ومستوى معين
يساعدك في أداء مهمات وظيفتك بصورة أفضل، وقد يساعدك في العثور على وظيفة جديدة،
إن كنت بحاجة إليها.. القراءة ستحسن معرفتك بقواعد اللغة، ما سيسهم في تطوير قدراتك
في الكتابة أيضاً.. وبالنسبة إلى البعض، القراءة في كتب بلغات أجنبية تجعلهم
يتحدثون ويفهمون تلك اللغات بشكل أفضل.
تحسين نوعية
الحياة
المواضيع التي
يقوم الشخص بقراءتها مهمة أيضاً.. إذا كانت لديك توجهات روحانية، سيكون للقراءة في
نصوص من هذا النوع دور في خفض ضغط الدم.. إذا كنت تبحث عن مهرب صغير ومؤقت من متاعب
الحياة اليومية، فإن قراءة رواية عن عالم خيالي ستحفز الدماغ وتثير فيه القدرات الخاصة
بالتصور والإبداع.. الباحثون في جامعة يورك وجدوا أيضاً أن قراءة القصص والروايات
تساعد في تطوير إمكانات البعض في إدراك بعض عوامل الحياة وفهم مشاعر الآخرين، ما
يجعل الفرد أكثر تعاطفاً مع عائلته وأصدقائه.
وإذا قمت بتحويل
القراءة قبل النوم إلى عادة يومية، سيدرك جسـدك تدريجـياً أن وقت النوم قد حـان؛
ما سيحـسن نمـط النوم ونوعـيته.
لكن ماذا عن فوائد
القراءة جسدياً؟ يشير بعض الباحثين إلى أن قراءة كتاب ما، سواء كان ورقياً أو
إلكترونياً، خلال ممارسة الرياضة باستخدام جهاز المشي Treadmill مثلاً،
سيجعلك تستمر في الرياضة لفترة أطول، مقارنة بالاستماع إلى الموسيقى.
وكما ذكرنا
سابقاً، الكتب غير مكلفة، والكثير منها مجاني على شبكة الإنترنت أو في المكتبات
العامة.. كل ما عليك هو اختيار الكتاب الذي تريد أن تمضي معه بعض الوقت..
وتدريجياً ستجد أنك ستبحث عن الكتاب التالي، فالتالي.....
مقال رائع
ReplyDeleteشكرا على الافادة